- المقدمة :
لقد أصبحت الرعاية الاجتماعية والتكفل الحقيقي بمختلف الفئات الخاصة أحد أهم مميزات المجتمعات الراقية ، والتي تهدف إلى الحماية أو إعادة التأهيل للمساعدة على إدماج هذه الفئات في المجتمع وفق المعايير الاجتماعية، بما يتوافق مع المتطلبات الحالية والتي تسمح للطفل بتحقيق حاجياته ورغباته الذاتية والتي تمثل إحدى أهم الغايات التي تصبوا إليها سائر الأمم بقصد التدخل الواعي المخطط لإحداث تغير مقصود به توافق الإنسان وتحسين أدائه الاجتماعي للأدوار والوظائف التي يضطلع بها في عالم اليوم.
بل إننا لا نتجاوز الحقيقة عندما نؤكد على أن الأخصائيين الاجتماعيين والنفسانيين بمستوياتهم الأكاديمية المختلفة يحتلون الآن مراكز متعددة في أجهزة الإنتاج والخدمات سواء في المستويات التنفيذية أو التخطيطية، ويسهمون بجهودهم في إعادة توزيع الموارد والإمكانيات ومصادر الثروة والقوة في المجتمع لصالح التقدم الاجتماعي والاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة الإنسان ورفاهيته.
وتعد برامج الخدمة الاجتماعية مع الفئات الخاصة نتيجة حتمية وذلك بالنظر إلى ظهور العديد من الفئات الاجتماعية الخاصة نتيجة لجملة من الأسباب الاجتماعية والتربوية كالطلاق والتسرب المدرسي .... وخاصة التغيرات التي طرأت على العديد من الأنظمة الاقتصادية والتي فرضت على بعض الدول من طرف دول أخرى.......مما أدت إلى ظهور هذه الفئة.
ولذلك فإن الخدمة الاجتماعية للفئات الخاصة هي إيمان بالكفاية الإنسانية، وإيمان بقدرة الإنسان على إعادة التكيف والتفاعل والإنتاج من خلال توظيف مختلف الطرق والمناهج التربوية الحديثة التي تراعي خصوصيات واتجاهات هذه الفئة بغية إعادة إدماجها وتأهيلها لتصبح كتلة بشرية مفيدة في المجتمع.
والفئات الخاصة مصطلح جديد بدأ يشيع في مجال دراسة العلوم الاجتماعية والنفسية، وهو اصطلاح يطلق عادة على فئة أو مجموعة من الناس لها وزنها العددي، وبمعنى آخر هم الأفراد والجماعات التي يسميهم الناس بالشواذ أو غير العاديين، هذا الشذوذ أو الانحراف في الصفات المقبولة أو غير المقبولة على السواء.
وعلى هذا الأساس يصبح أفراد الفئات الخاصة أولئك الذين تنطوي شخصياتهم على سمات وخصائص أعلى أو أقل من العادية مما يعوق توافقهم الاجتماعي، والمساهمة الفاعلة في الحياة.
وفي ضوء الرعاية الاجتماعية احتلت قضية إصلاح السجون وتحويلها إلى مؤسسات إصلاحية وإنتاجية على اهتمام رواد الإصلاح الاجتماعي وحركات الدفاع الاجتماعي منذ وقت مبكر.
ويجب الإشارة إلى أنه هنالك العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية حول حقوق الطفل والتي صادقت على جلها الجزائر حيث تنص المادة -31 من اتفاقية حقوق الطفل لمنظمة اليونيسيف " على أنه للطفل الحق في أوقات الفراغ واللعب والمشاركة في الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية " كما تنص المادة 25: المتعلقة بالمراجعة الدولية لمراكز الأطفال " على أن الطفل الذي تضعه الدولة في مركز خاص لغايات الرعاية والحماية أو المعالجة أو التأهيل والإصلاح له الحق في إخضاع وضعه لتقييم دوري خاص"
وعلى نفس المنوال صدرت القوانين الوطنية لتنظيم المنشئات العقابية والإصلاحية بهدف تحقيق حياة إنسانية مناسبة للمسجونين داخل هذه المنشئات.
هذا وتتم رعاية الجانحين من خلال توفير الشروط الصحيحة والتعليمية والاجتماعية والمهنية والنفسية والرياضية.
وبالنظر إلى تفاقم مستوى جنوح الأحداث في المجتمع الجزائري وخطورة ذلك على التماسك الاجتماعي والتربوي والثقافي فقد ارتئ الباحث على تجسيد هذه الدراسة بغية كشف المسببات المعقدة لهذه الآفة والتي تسمح لنا بتقديم الحلول والإجراءات الميدانية المناسبة لهذه الفئة.
1- مشكلة البحث:
أخذت ظاهرة جنوح الأطفال المتورطين في أعمال العنف رغم صغر سنهم أبعادا خطيرة، بعد أن انتشرت في مختلف مدن الجزائر ولم تعد تشمل فقط المدن الكبرى، بل تعدت ذلك إلى جميع مناطق الجزائر، حيث كشفت إحصائيات الشرطة القضائية الخاصة بالفترة الممتدة من 01/01/2007 إلى نهاية أفريل جنوح عدد 3467 طفل .
كما أصبح الاهتمام بالفئات الاجتماعية الغير عادية أحد أهم سمات التقدم والازدهار في المجتمعات الراقية وبالنظر إلى ما سبق ذكره من تعقد الأوضاع الاجتماعية والتحولات الاقتصادية وكذا الصراعات السياسية كلها أثرت على تماسك البنية الاجتماعية للمجتمعات
والتي أدت إلى تزايد فئة الأحداث الجانحين مما يفرض على المسئولين اتخاذ الإجراءات الميدانية اللازمة من أجل توفير الرعاية الاجتماعية والتي تمثل السبيل الوحيد للتكفل بهذه الفئة حتى لا تصبح حلقة مفقودة من المجتمع......وذلك من خلال الاهتمام بالمناهج التربوية والتعليمية المكيفة لهذه الفئات وتجسيدها في المراكز المتخصصة وذلك تماشيا مع الأعراف والمواثيق الدولية.
وعلى ضوء ماسبق ذكره فإن مشكلة بحثنا تتمثل في التساؤلات التالية:
•هل يمكن للنشاط الرياضي المكيف أن يكون له الدور الإيجابي في تحسين بعض سلوكات الجانحين الأحداث كالعدوان و الانطواء؟
2- أهداف البحث:
- تبيان مدى أهمية النشاط الرياضي المكيف في تحسين بعض سلوكات أفراد العينة.
- الكشف عن واقع مزاولة النشاط الرياضي المكيف داخل المراكز الخاصة.
3- الفرضيات:
1-للنشاط الرياضي دور سلبي في تحسين بعض السلوكات لدى فئة الأحداث الجانحين.
4- ماهية وأهمية البحث:
البحث هو دراسة وصفية لواقع ممارسة النشاط الرياضي لفئة المسجونين حيث نحاول إبراز دور النشاط الرياضي في تحسين هذا الجانب، أو تشخيص أهم المشاكل والصعوبات التي تعترض لتحقيق هذا الغرض.
وهذا له أهمية حيث يسمح بالوقوف على طبيعة الخطوات أو البرامج المقدمة ومستواها وأوقات تنفيذها وفي ظل كل هذا قد يسمح لنا وضع توصيات واقتراحات في طريقة التعامل مع السجين ومستوى الأنشطة المقدمة له، وهذا بهدف الوصول إلى تحسين هذه الصفات.
وتبرز أهمية البحث في النقاط التالية:
•فتح مجال للبحث في معهد التربية البدنية والرياضية حول هذه الفئة.
•الأخذ بعين الاعتبار وتوعية المسئولين في إدخال الأنشطة الرياضية داخل المراكز إعادة التربية.
•إضافة وإثراء المكتبة بهذه الدراسة حتى تكون مصدر البحوث المستقبلية في هذا المجال.
•محاولة الترويح والتخفيف على هذه الفئة وهم داخل المركز.
5- تعريف مصطلحات البحث:
1- جنوح الأحداث:
هي مشكلة ذات أبعاد بيولوجية ونفسية واجتماعية ترتبط بضعف التنشئة الاجتماعية وسوء التكيف الاجتماعي.
2
استاذ مكلف بالدروس معهد التربية الرياضية جامعة مستغانم